بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
يجب أن نستعرض بلمحة موجزة ما كانت عليه المرأة في العصور التي خلت قبل الإسلام وهل أن الإسلام ظلم المرأة أم لا فليفهم كل ما قتله الغرور وسيطرت عليه الجهالة وامتلكت حواسه عادات السفلة والملحدين؟أن الإسلام هو الذي أخذ بيد المرأة وعززها وجعلها محترمة الجانب ضمن نطاق الدين والحشمة التي أمرت بها شريعة الإسلام.
عن حالة المرأة قبل الإسلام كانت على جانب كبير من الاضطهاد والاحتقار عند جميع الأمم والشعوب عند أهل الحضارة والمدينة وعند أهل البداوة والجاهلية.
ولننظر إلى الفرس الذين كانوا قابضين على ناحية الحكم في قسم كبير من المعمورة وكيف كانت حالة المرأة عندهم كان الفرس ينظرون إلى المرأة نظرة احتقار وازدراء مهضومة الحق مجهولة القدر لا يبالون بها بل هي أحط سلعة بين أيديهم.
والمرأة عند أهل اليونان أهل الفلسفة والفكر وأصحاب الحضارة والطب كانوا يعدون المرأة أنها رجس من عمل الشيطان وسلعة تباع وتشترى ولا تصلح إلا لتدبير شئون البيت وتربية الأطفال وهكذا بقية أكثر الأمم والشعوب،لم تلاحظ المرأة بعين الاعتبار بل كانت تعامل معاملة ازدراء واحتقار كالخادم ويعدونها متاعاً من الأمتعة وللزوج حق التصرف في شئونها ولو أراد أن يتنازل عنها لغيره فعل ذلك دون مشورتها.
أما المرأة العربية في الجاهلية فغير خفي أمرها على كل من تصفح التاريخ إذ أن تعاستها في ذلك العصر المظلم جلية واضحة.
ففي العصر الجاهلي كانت المرأة لا ترث مع وجود الذكر البالغ إذ أن الولد الذكر هو الذي يدافع ويلاقي الأعداء.
أما في الزواج كان زواجها يرجع إلى أمر وليها وليس لها حق الاعتراض ولا المشورة حتى أن الولد يمنع أرملة أبيه من الزواج حتى تعطيه ما أخذته من ميراث أبيه وكانت أكبر مكرمة عند العرب في الجاهلية ويعدونها فضيلة ألا وهي عادة وأد البنات لا لذنب أذنبته بل من جهلهم وطغيانهم فكان الرجل في الجاهلية يدفن ابنته في التراب وهي حية.فجاء الإسلام فحرّم تلك العادة الشنعاء وأنقذ تلك الفتاة البائسة من الموت قال سبحانه وتعالى:"وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت"التكوير:8-فقد رفع من مستواها وجعلها في مستوى الرجال في أكثر مراحل الحياة وأعطاها حقوقها كاملة.
إنصاف المرأة في الإسلام
جاء الإسلام بتعاليمه القدسية وإرشاداته النافعة فنشر راية الحرية خفاقة فوق رؤوس المسلمين وأعطى كل فرد حقه يتصرف به كيف شاء وأراد فلا استبداد ولا استعباد ولا ظلم ولا جور ولا فساد ولم يفرق بين الرجل والمرأة إلا بما فرضته الأوامر السماوية كالحجاب والإرث كما خص وافرد الحرب أو الجهاد للرجل إذا لزم الأمر.
لقد استنشقت المرأة في ظل الإسلام وحكمه العادل بعد أن كانت قليلة الثقة بنفسها لما تلاقيه من الاضطهاد والإرهاب وإنها لم تعرف إلا أنها خلقت ألعوبة للرجل وخادمة لأولاده ولكنها وجدت حقها كاملاً تحت راية العدل والأنصاف فقد جعلها الإسلام مساوية للرجل وفرض عليها ما فرض على الرجل من صلاة وصيام وحج وزكاة وغير ذلك.
الإسلام والحجاب وأثره في المجتمع
إن الدين الإسلامي حافظ على القيم الخلقية بجميع صفاتها فلم يدع مزية حسنة إلا حرض الإنسان عليها وحثه على أتباعها.
لقد قلد الإسلام المرأة المسلمة بالدرر الوضاءة والأخلاق الجميلة والمزايا الحميدة من الشرف والعفاف والنزاهة والحياء والصدق والأمانة وقد أباح الإسلام للمرأة أن تزين شخصيتها بالعلم والأدب لتتفهم شئون الحياة ولتقوم بواجباتها الدينية على أتم وجه
الحياء والمرأة
الحياء هو عبارة عن ستار شرف تصون المرأة به ماء وجهها والحياء من الصفات الحميدة التي يجب أن تتذرع به كل فتاة مسلمة ليزيد أنوثتها مهابة ووقاراً والحياء هو هالة من وقار أو كمال.
الحجاب والمرأة
إن الحجاب الذي فرضته الشريعة الإسلامية على المرأة المسلمة هو ما أمرها الله سبحانه بستره وحجابه ليقيها الفتنة والإغراء فتصون نفسها وشرفها وتتحرز من كيد الكائدين ومكر الماكرين الفسقة الذين لا يردعهم شرف ولا دين وقد نص القرآن الكريم على حجاب المرأة بقوله عز وجل[يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً]الأحزاب:59.فالله أمر المرأة بأوامر ترجع لمصلحتها الدينوية فضلاً عن الأخروية لتعيش في سعادة وهناء.
ولكن ومع كل أسف فقد غفل المسلمون عن مثل هذه النصائح السماوية التي تجعلهم مثال الكمال وقدرة المم ثم نسوا أو تناسوا أنفسهم كمسلمين يجب عليهم الانصياع لأوامر الله سبحانه بل راحوا يضربون بتعاليم دينهم بعرض الحائط غير مبالين وكأن الدنيا في قبضة أيديهم.
لا يخلو زمان من الأزمان من أناس فاسدين ضالين مضلين يزرعون بذور الفساد في النفوس البريئة وها هم يقولون إن الإسلام ضرب الحجاب على المرأة لتكون رهينة البيت وضمن الجدران لا تصلح إلا للخدمة إذ لا يمكنها بحسب وضعها وهي محجبة الانسجام مع الأجيال المتطورة والمدنية الحديثة.
وهذا افتراء لأن الإسلام رفع من شأن المرأة وأعطاها حقوقها كاملة ولنتساءل هل الحجاب منع المرأة من التطور أم حبسها عن التمدن؟أم أخرها عن ركب الحضارة والمدنية الحديثة بل أن الإسلام هو دعامة الحضارة وقلب المدنية النابض والرسول صلى الله عليه وسلم المؤسس للحضارة والمدنية الصحيحة.
المرأة والوضع الحاضر
إن الحجاب الذي فرضه الدين الإسلامي على المرأة المسلمة منع تطورها أو سيرها في مضمار المدنية وهل الحجاب منعها من العلم والتعلم أو منعها من أن تكون المرأة الفاضلة ربة البيت وسيدة المجتمع كما يتقول دعاة الخلاعة والسفور الذين قتلهم الجهل والغرور.إن الإسلام فرض الحجاب على المرأة المسلمة ليكون صيانة لها.لقد أصبحنا في هذا الزمان القابض على دينه كالقابض على الجمر وأن من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هو من الطبقة الرجعية القديمة البالية،إذا قال أو تكلم بالإصلاح لا يسمع قوله بل يعرض عنه ويذهب صوته أدراج الرياح وقد اختلط الحابل بالنابل فنجد الرجل الذي يدعي الشرف والنخوة يختال بين نسائه وفتياته يصحبهن إلى دور الخلاعة لقد نسي المسكين أنه يجر الويل لنفسه إن الإسلام جعل من المسلمين القوة والعزة وما زالوا عاملين بتعاليمه فإذا انصرفوا انصرفت عنهم أعين العناية ووكلوا إلى أمرهم قال سبحانه وتعالى[ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون]إبراهيم:42.
العلم والمرأة في الإسلام
اهتم الدين الإسلامي بالنواحي الاجتماعية وحرّض المسلمين على العمل طبق ما تقتضيه الشريعة،ونهى عن كل ما يفسد الأخلاق وحث على السير نحو المثل العليا وفي مقدمتها طلب العلم ولم يحرم المرأة من هذا المورد العذب بل أباح لها أن تنتهل من مورد العلم ما ينعش نفسها وخلقها ويجعلها في المستوى الذي تحمد عليه.
لقد جاهدت المرأة في طلب العلم ونهضت بأعبائه وها هي من صدر الدولة الإسلامية إلى يومنا هذا ما تزال جادة في سبيل خدمة الدين والمجتمع إذا كانت من العاقلات.
لقد نبغ في أفق العلم من النساء من سجل لهن التاريخ على صفحاته الإجلال والثناء.
وروى المؤرخون عن المرأة المسلمة الحديث والخطب البليغة والفقه والشعر والأدب إلى غير ذلك من العلوم التي جعلت المرأة المسلمة في مقدمة نساء العالم تذكر بالتقدير من حيث الفضل والكمال وخلاصة القول أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والثواب والعقاب وفي التفقه في الدين والعلم وجميع الميادين.
وأخيرا مما لا شك فيه أن المرأة هي عضو عامل في تقدم الإنسان الأخلاقي إذا هي أحسنت السير نحو الطريق المستقيم ولا ريب أن الحياة الاجتماعية في عصرنا الحاضر تتطلب أن يتعاون كل من الرجل والمرأة في تركيز دعائم الأخلاق الكريمة وأن يتجنب كل منهما مواضيع التهم.وفي الخطبة الأخيرة للرسول صلى الله عليه وسلم في التاسع من ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة الثامن من مارس 622هـ قال:"أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق ألا يوطئن فرشكم غيركم ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تفصلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح فإن انتهين فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وإنما النساء عندكم عوان لا يمكن لانفسهن شيئاً أخذتوهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً".